الثلاثاء، 24 فبراير 2015

الدرس السادس والأربعون (284-286)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم 284-286♦️

⚡️خاتمة السورة من 284: 286 ( دعاء وإجابة ) 

♦️( لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {284})

⭕️المناسبة بين خاتمة السورة والمقطع السابق 
⚡️جاء في ختام سورة البقرة ( لله ما في السموات والأرض ) وهذا تذكير بأن أخذ الديون وردها أو أكلها سحتاً لن يخرج عن ملكوت الله تعالى وتقديراته، وفيه كذلك ترهيب من كتمان الشهادة ،لأنه سبحانه يحاسب على ما أبدت النفوس وكتمت

♦️( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)285 البقرة
♦️( لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) 286 البقرة
⭕️تمثل هذه الآيات الثلاث ختام سورة البقرة ،والآيتين الأخيرتين فيهما فضل ،وفيهما دعاء وذكر وثناء يحتاح المسلم أن يقرأه ويتدبره ،ويلهج لسانه به 

⭕️ولما نزلت الآية ( لله ما في السموات والأرض) أشفق الصحابة ووجلوا ،فأتوا رسول الله صل الله عليه وسلم ،ثم جثوا على الركب وقالوا  : يارسول الله كُلفنا من الأعمال ما نطيق : الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ،وقد أنزل الله تعالى هذه الآية ولا نطيقها ،فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم : سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ،فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) رواه مسلم

⭕️  ثم تفتح الآية باب الأمل على مصرعيه لهؤلاء الذين اهتدوا ،فعلمتهم أن يرفعوا أكف الضراعة لربهم قائلين : ربنا لا تعاقبنا إن نسينا الصواب أو فعلنا الخطأ جهلاً منا ،ربنا لا تكلفنا ما يشق علينا  كما كلفت الذين هادوا بسبب ظلمهم ،وألا تحملنا ما فوق وسعنا من المصائب والعقوبات وغير ذلك 

⭕️ ثم سألوا ربهم أربعة أمور فيها صلاح دنياهم وآخرتهم : 
◽️١_ أن يعفوا عنهم بمحو سيئاتهم 
◽️٢_ أن يغفرها ويسترها 
◽️٣_ أن يرحمهم برحمته التي وسعت كل شئ 
◽️٤_ أن ينصرهم على القوم الكافرين 

⭕️فهو وليهم ولا مولى لهم سواه ،وناصرهم ومعينهم وكافيهم وهاديهم 

⭕️ وبهذا تختم السورة هذا الختام الطيب ،وهو الختام الذي يلخص السورة ويلخص العقيدة ،ويلخص تصور المؤمنين وحالهم مع ربهم في كل حين 

⭕️ وفي الصحيح من حديث ابن عباس عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: ( أعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته ) 

⭕️وختام السورة بالدعاء تعليم للأمة أن تظل موصولة الصلة بالله كما كان قدوتهم إبراهيم عليه السلام يدعو ربه وهو يبدأ عمله ،وهو ينتهي منه

⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية ⚡️

↙️آية 284
ما دلالة تقديم وتأخير كلمة تخفوا في آية سورة البقرة وسورة آل عمران؟( د.فاضل  السامرائى)


⚪️قال تعالى في سورة البقرة (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {284}) 
وقال في آل عمران (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {29}). 

⚪️المحاسبة في سورة البقرة هي على ما يُبدي الإنسان وليس ما يُخفي ⚡️ففي سياق المحاسبة قدّم الإبداء 
⚪️أما في سورة آل عمران فالآية في سياق العلم لذا ⚡️قدّم الإخفاء لأنه سبحانه يعلم السر وأخفى.

↙️آية 284
ما دلالة تقديم وتأخير (يغفر)
 في قوله تعالى (لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284) البقرة)
وقوله تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40) المائدة) ؟(د.حسام النعيمى)


⚪️لو نظرنا في الآيات سنجد أن المغفرة تقدمت في ثلاث آيات في البقرة قدّم المغفرة وفي آل عمران والمائدة 
وتقديم المغفرة على العذاب هو الأصل لأنه (كتب ربكم على نفسه الرحمة)  وفي الحديث في صحيح البخاري "رحمتي سبقت غضبي"
⚡️ لكن يرد السؤال أنه لماذا تقدمت يعذّب على يغفر في الآية 40 في سورة المائدة؟ هذا الأمر يتعلق بقطع اليد لاحظ الآية (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)) ⚡️فلا بد أن يقدّم العذاب لأن الكلام في البداية كان على عذاب ثم على مغفرة ولو عسكت لما إستقام الكلام .

↙️آية 286
ما الفرق بين (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا) الطلاق، وبين (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة؟(د.حسام النعيمى)


⚪️لو نظرنا في الآيتين سنجد السبب واضحاً. الآية الأولى كانت تتكلم على التكاليف عموماً (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) 
⚡️في التكاليف وفي أمور الحياة وفي العمل. إذا عمل خيراً يكون له وإذا عمل سوءاً يكون عليه وهذا في عموم التكاليف فقال الله عز وجل (لها ما اكتسبت وعليها ما اكتسبت) فهو كسبٌ وإكتساب.


⚪️لكن الآية الثانية (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7))
 الإيتاء هو الإعطاء. لما ننظر في سياق الآية الكلام على المال أي ما آتاها من مال فالكلام على الإنفاق ولما يكون الكلام على الإنفاق الإنسان ينفق. والكلام هو على المطلقات أي ما أعطاها من الرزق، فلا يكلف الفقير أن ينفق ما ليس في وسعه بل لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها من حيث المال عندما يكون هناك إنفاق فبقدر ما عندك تُنفِق أي بمقدار ما آتاه الله (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها).


🍃🍃🍃🍃

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات
تم بحمد الله وتوفيقه وامتنانه تفسير ولمسات سورة البقرة
نسأل الله أن يرزقنا الاخلاص في القول والعمل وان يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح 

جزاكم الله خيرا أحبتي  لحسن المتابعة وفقكم الله لكل خير وسددكم وزادكم من فضله



للحصول على اللمسات البيانية على هيئة صور  ييرجى زيارة هذه الصفحة بالفيس بوك ( متشابهات ولمسات بيانية)
وهذا رابطها:
 https://www.facebook.com/lamasatbynyah/photos/a.307651842720324.1073741835.263903753761800/307651906053651/?type=3&src=https%3A%2F%2Fscontent-mxp.xx.fbcdn.net%2Fhphotos-xfp1%2Fv%2Ft1.0-9%2F10250254_307651906053651_3394767142806721193_n.png%3Foh%3D2b23ef6254548ec8ae2df79f84eef098%26oe%3D55831614&size=734%2C551&fbid=3076519060536

الدرس الخامس والأربعون (282-283)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم 282-283♦️

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ۖ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 282]

⭕️بعد أن رغبت الآيات في إنفاق المال لله ،وترك المال الحرام ،وتأخير المطالبة للمال للمعسر  ، تأتي الآية الجامعة في كتابة الدين وحفظ الأموال 

⭕️ابتدأت الآيات بالنداء المحبب للنفوس المؤمنة مطالبة بكتابة الدين ،وليكتبه كاتب عدل أمين ،ولا يمتنع الكاتب أن يكتب إحساناً إلى الناس كما أحسن الله إليه وعلمه ،فليكتب وليمل الذي عليه الدين حتي يكون إملاءه حجة عليه ،وعليه أن يتقي ربه فيما يملي ولا ينقص مما عليه شيئا  ، فإن كان المدين لا يحسن التصرف  في ماله أو ضعيفا لصغر أو هرم أو عاجزاً عن الإملاء لجهل أو لخرس ،فعلى ولي أمره أن يتول الإملاء بالحق والعدل 

⭕️وبعد البيان الوافي عن الكتابة ،انتقل الحديث عن الإشهاد ،فأمر الله أن يطلب شاهدين مسلمين من الذكور فإن لم يتيسر رجلان ،فرجل وامرأتان من المرضيين في الخلق والدين ،فتقوم إحداهما بتذكير الأخرى

⭕️ ثم نهى الشهود عن الإباء عن الشهادة متى دعوا إليها ،ونهي عن التضجر من كتابة الدين إلى وقته المحدد له سواءا كان صغيرا أو كبيرا فهذا👈 أعدل في علم الله ،⚡وأعون على إقامة الشهادة ⚡ وأقرب إلى زوال الشك والريبة وتلك 👆فوائد ثلاث لكتابة الدين 

⭕️ ثم استثنى من ذلك التجارة التي يجري فيها التداول والتقابض في المجلس ،فلا بأس من عدم الكتابة رحمة بالمتعاملين ،وتخفيفاً عليهم 

⭕️والأولى الإشهاد عند البيع ،ولا يضر الكاتب ولا الشهيد غيرهما بالتغيير والتحريف ، ولا يتعرضا هم للضرر بحملهما على كتابة أو قول غير الحق بالترغيب والترهيب ،وإن فعلتم ما نهيتم عنه من التحريف والتغيير وغيرهما ،فتكونوا قد خرجتم عن طاعة الله 

⭕️ثم ختم الله تعالي الآية بالأمر بتقواه وخشيته  ،وتذكير الناس بنعمه ،فهو الذي يعلم الناس ويصلح لهم دينهم ودنياهم  ،والله بكل شئ عليم لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ،ولذلك فإن تشريعه كله حكمة وعدل لأنه العليم سبحانه 

♦️(وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ۖ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ۗ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 283]

⭕️ثم بيّن سبحانه ما يجب على المؤمن فعله إن لم يتمكن من كتابة الدين سواء بأن كان مسافراً ولم يجد كاتباً ،أو لم يتيسر له أمر الكتابة لأي سبب ،ففي هذه الحالة يقوم الرهن المقبوض مقام الكتابة ،والرهن ضمان لحق الدائن عند تعذر أخذ حقه 

⭕️فإن أمن الدائن المدين ووثق في ذمته ،فعلى المدين أن يكون أهلاً لهذه الثقة ،وليؤد أمانته كاملة ،وليتق ربه في مراعاة حقوق الناس 

⭕️وعلى المؤمنين الصادقين ألا يمتنعوا عن أداء الشهادة ،فمن أخفاها وامتنع عن أداءها فقد أثم قلبه الذي هو أساس كل خير وشر ،والله عليم بكل أفعالكم وأقوالكم ،وسيحاسبكم عليها

وبهذا ينتهي الموضوع السابع من القسم الثاني من سورة البقرة ويتبقى لنا ختام السورة في درسنا القادم ان شالله
⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية ⚡️

↙️آية 282
*(وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ (282) البقرة) ما الفرق بين قولنا (واشهدوا شهيدين) وقوله تعالى (واستشهدوا شهيدين)؟ ( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️انظر إلى هذا التصوير البديع الذي ترسمه زيادة السين والتاء في قوله تعالى (واستشهدوا) هذه الكلمة تدل على طلب شهادة الشاهدين وتكليف بالسعي للإشهاد وهذا ما لا يفيده لفظ (وأشهدوا) الذي يدل على مجرد الشهادة.

↙️آية 282
*(فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا (282) البقرة) البخس هو النقص فهل اختيار البخس في قوله تعالى (ولا يبخس منه شيئاً) لغاية وسبب؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️نعم فالبخس وإن كان بمعنى النقص إلا أنه يدل على الإنقاص بخفاء وغفلة عن صاحب الحق لذلك كان اختيار هذا اللفظ دون غيره.


↙️آية 283
وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ (283) البقرة) فلِمَ أطلق على الرهان إسم الأمانة؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️كل من يقرأ هذه الآية يعلم أن الأمانة في قوله تعالى (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) يُراد بها البرهان الذي سبق ذكره (فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ) سمّى ربنا سبحانه وتعالى الدَيْن في الذمة أو الرهن أمانة لتعظيم الحق عند المدين فاسم الأمانة له مهابة في نفس الإنسان لا تضفيه كلمة الرهان وفيها تهويل من عدم الوفاء بالإتفاق لئلا يُسمى ناكث العهد خائناً.

↙️آية 283
وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ (283) البقرة) أليس من الممكن حذف لفظ الجلالة (الله) من الجملة (وليتق الله ربه)؟ فلِمَ ذكر رنا تعالى كلمة (الله) وكلمة (ربه) وهما إسمان لمسمّى واحد؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️ذكر إسم الجلالة (الله) في الآية مع أنه يمكن الاكتفاء بقولنا وليتق ربه لإدخال الروع في ضمير السامع ولغرس المهابة في قلبه ليكون حذراً من الإخلاف فاسم الجلالة (الله) له وقع في نفس السامع يشعرك بالمهابة والتعظيم.


للحصول على اللمسات البيانية على هيئة صور  ييرجى زيارة هذه الصفحة بالفيس بوك ( متشابهات ولمسات بيانية)
وهذا رابطها:
 https://www.facebook.com/lamasatbynyah/photos/a.307651842720324.1073741835.263903753761800/307651906053651/?type=3&src=https%3A%2F%2Fscontent-mxp.xx.fbcdn.net%2Fhphotos-xfp1%2Fv%2Ft1.0-9%2F10250254_307651906053651_3394767142806721193_n.png%3Foh%3D2b23ef6254548ec8ae2df79f84eef098%26oe%3D55831614&size=734%2C551&fbid=3076519060536

الدرس الرابع والأربعون (274-281)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم 275-281♦️

نبدأ اليوم بإذن الله بالموضوع السابع 
⚡️الموضوع السابع  : حفظ الأموال عن الحرام وعن الإضاعة ( 275: 283) 

⚪️ بعد أن تحدثت الآيات في المقطع السابق  عن إنفاق الناس وأعمالهم في الصدقات ،الذين يعطون بلا عوض ،جاء التناسب بالتضاد للحديث عن الذين يستغلون حاجة الفقير ،فيتعاملون معه بالربا 

⚪️فالربا هو الوجه الطالح الكالح المقابل للصدقة ،فالصدقة عطاء وسماحة ،والربا شح وقذارة
♦️ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة البقرة : 275]


⭕️ابتدأ الحديث عن المرابين الذين يأكلون المال بلا عوض ، ويأكلون الزيادة مقابل القرض ، فأوضح الحق أنهم يقومون يوم القيامة من قبورهم إلى نشورهم كما يقوم  المصروع من الشيطان الذي مسه ،وسبب ذلك أنهم جعلوا  الربا المحرم  الذي هو زيادة في المال عند حلول موعد الدين كالبيع 

⭕️ فمن بلغه تحريم الله تعالى للربا فانتهى فوراً فله ما أخذ قبل الإسلام ،وأمره مفوض إلى ربه ،أما من عاد لأكل الربا بعد تحريمه فقد استحق المكث الطويل في جهنم

⭕️عن جابر قال : ( لعن  رسول الله ﷺ  آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ،وقال : هم سواء ) رواه مسلم 

◽️◾️مراحل تحريم الربا : 
⚡️ الموضع الأولي  وهو في سورة الروم ٣٩  ( وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله ) 
⚡️ الموضع الثاني ،التحذير من فعال اليهود ومن اقبحها الربا ( وأخذهم الربا وقد نهوا عنه ) النساء ١٦١ 
⚡️ الموضع الثالث في سورة آل عمران ١٣٠  ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ) 
⚡️ الموضع الرابع ما جاء في هذه السورة المباركة 

◽️◾️حكمة تحريم الربا 

⚡️١_ الربا يقتضي أخذ مال الإنسان  بدون مقابل ،قال ﷺ  ( حرمة مال الإنسان كحرمة دمه ) 
⚡️٢_ أنه يمنع الناس عن الإشتغال بالمكاسب،فلا يكاد يتحمل مشقة التجارة و الصناعات الشاقة ،وذلك يؤدي إلى انقطاع منافع الخلق 
⚡️٣_ أنه يؤدي إلى انقطاع المعروف بين الناس والإحسان 
⚡️٤_ أن الغالب أن المقرض يكون غنياً والمقترض يكون فقيرا، والربا تمكين للغني  من أخذ مال الفقير مالاً زائدا ،وذلك غير جائز برحمة الرحيم.                 
⚡️٥_ من آثار الربا الإجتماعية ،شيوع البغضاء بين الناس ، ونزع التراحم ، وذهاب المعروف والمروءة بين الناس 
⚡️ ٦_ من آثاره الإقتصادية ،غلاء الأسعار ،ذلك لأن التاجر  الذي يقترض يرفع السعر لتعويض ما يدفع
⚡️ ٧_ شيوع البطالة ،ذلك لأن أصحاب الأموال يفضلون الربا عن الإستثمار                     


♦️(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [سورة البقرة : 276]

⭕️إن من آثار الربا أن الله يمحقه ويذهب بركته ، قال ﷺ  : ( ما أحد أكثر من الربا إلا  كاتت عاقبة أمره إلى قلة ) رواه ابن ماجة وأخرجه أحمد 

⭕️أما الصدقات فإن الله يزيدها في الدنيا و الآخرة ،والله تعالى يبغض فاعل الربا الذي كفر بأنعم الله ، وفعل الآثام 

♦️(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة البقرة : 277]

⭕️بيّن الله تعالى أن الذين صدقوا ما أخبرهم به وقبلوا وعملوا الصالحات التي تصلح نفوسهم ،وأقاموا الصلاة التي تصلهم بربهم ،وأدوا الزكاة التي تطهر نفوسهم ، لهم عند الله الأجر الذي لا ينقطع ،ولا يخافون من الآتي ولا يحزنون علي الفائت 

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(278)

⭕️يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، خافوا الله بأن تمتثلوا أوامره وتجتنبوا نواهيه، واتركوا المطالبة بما بقي لكم من أموال ربوية عند الناس، إن كنتم مؤمنين حقًا بالله وبما نهاكم عنه من الربا.

♦️(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) [سورة البقرة : 279]


⭕️ فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف، وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له، ⚡️ { وإن تبتم } عن الربا ⚡️{ فلكم رءوس أموالكم } أي: أنزلوا عليها⚡️ { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا⚡️ { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم.

♦️(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)

⭕️{ وإن كان } المدين⚡️ { ذو عسرة } لا يجد وفاء⚡️ { فنظرة إلى ميسرة } وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به⚡️ { وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون } إما بإسقاطها أو بعضها.


♦️(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [سورة البقرة : 281]

⭕️وهذه الآية من آخر ما نزل من القرآن، وجعلت خاتمة لهذه الأحكام والأوامر والنواهي، لأن فيها الوعد على الخير، والوعيد على فعل الشر، وأن من علم أنه راجع إلى الله فمجازيه على الصغير والكبير والجلي والخفي، وأن الله لا يظلمه مثقال ذرة، أوجب له الرغبة والرهبة، وبدون حلول العلم في ذلك في القلب لا سبيل إلى ذلك.
⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية ⚡️

↙️آية 275
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا (275) البقرة) لِمَ قال (يأكلون الربا) ولم يقل يأخذون الربا مع أن الأكل يختص بالطعام لا بالمال؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️نعم الأكل في حقيقته هو ابتلاع الطعام ولكن ربنا عبّر عن أخذ الربا بالأكل ليبين لنا حرص المرابي على أخذ المال بشَرَه.

↙️آية 276
(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة) فلِمَ خصّ ربنا الكافر بعدم المحبة دون المرابي؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️تأمل هذا السر البديع في خاتمة الآية فقد ختمها بقوله (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) مع أن بداية الآية توحي أن ختامها : والله لا يحب كل مرابي أثيم، فلِمَ خصّ ربنا الكافر بعدم المحبة دون المرابي؟ إن الإخبار بأن الله تعالى لا يحب جميع الكافرين يؤذن ويشعر بأن الربا شعار أهل الكفر وهو سمة من سماتهم فهم الذين استباحوه. وفي هذا تعريض بأن المرابي متّسمٌ بخصال أهل الكفر والشرك وإن كان مؤمناً.

↙️281
ما الفرق بين (ماعملت) و (ماكسبت)؟( د.فاضل  السامرائى)


⚪️⚡️قال تعالى(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (111)النحل) ⚡️و قال (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (281) البقرة).
في آية النحل قال ماعملت وفي البقرة ماكسبت.

⚪️في سياق الأموال يقول (ما كسبت) وفي سياق العمل يقول (ما عملت).
⚡️في البقرة في سياق الأموال وقبلها أمور مادية من ترك الربا (278) الربا كسب حرام، آية المعسِر (280)، آية الدين (282) البقرة، في سياق الأموال فناسب ذكر الكسب 
⚡️أما آية النحل ليس لها علاقة بالكسب وقال قبلها (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (110) النحل) ليس فيها كسب فالجهاد والفتنة والصبر ليست كسباً. ففي سياق الأموال قال كسب وفي سياق الأعمال قال عملت


↙️آية 278
*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) البقرة) لِمَ قدّم ربنا تعالى الأمر بالتقوى على الأمر بترك الربا مع أن الآيات تعالج قضية الربا؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️أُمِر الناس بتقوى الله تعالى قبل الأمر بترك الربا لأن تقوى الله هي أصل الامتثال والاجتناب وترك الربا من جملتها وخصلة من خصال التقوى.

الدرس الثالث والأربعون (267-274)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم 267-274♦️

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [سورة البقرة : 267]

⭕️تتحدث الآية عما يجب مراعاته في المال الذي ينفق من حيث صفته ونوعه ،فأوصت المؤمنين أن يكون إنفاقهم من كسبهم ،ومما من الله عليهم من خيرات الأرض ،ثم نهتهم أن يقصدوا الخبيث من المال للنفقة وهم لا يرضون بمثله لأنفسهم إلا أن يتساهلوا فيه تساهل من أغمض عينيه فلا يبصر ، والله لا يأمرنا بالصدقة إلا لنفعها لنا ،فهو غني عنها محمود بأوصافه وأفعاله 

⭕️وقد ورد في أسباب النزول ،أن الأنصار كانوا يتصدقون بردئ التمر ،فنزلت الآية

♦️(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 268]

⭕️ إن الشيطان يخوف الناس بالفقر إذا أنفقوا ويأمرهم بالبخل ويزينه لهم فيمسكوا ،والله يعد المتصدق بالمغفرة التي تقيه الشر ،وبالفضل الذي يهبه الخير ،فهو الواسع العطاء ،العليم بمن يستحق فضله فيعطيه 

♦️(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [سورة البقرة : 269]

⭕️ومن جملة العطاء المعنوي ،الحكمة التي يهبها من يشاء من عباده ،فلا يلتفتوا لوعيد الشيطان ،وما أعظمها من نعمة ،وهذه النعمة جزاء للمتصدقين على صنيعهم ،وهذه الحكمة تحكم العقل وتمنعه من الخطأ ،وتجعله يصيب الحق بالعلم والعمل 


♦️(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ۗ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [سورة البقرة : 270]

⭕️وإن كل هذه النفقات  سواء كانت خيراً أو شراً  وكل نذر معلوم مجازي به عند الله ،فمن وضع الشئ في غير موضعه فليس له من الله نصير 


♦️(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [سورة البقرة : 271]

⭕️ومن أبدى الصدقات فهو خير ،ومن أخفاها وأعطاها الفقراء فهو خير ،⚡⚡قال صل الله عليه وسلم ( صدقة السر تطفئ غضب الرب ) رواه الطبراني ،ويكفر الله عنه من سيئاته ،فهو سبحانه خبير بأفعال عباده ونياتهم 

⭕️ وقد خصصت الآية الإخفاء للإيتاء للفقراء ،وفي هذا إشارة إلى أن الأفضل إعطاء الصدقة للفقراء سراً ، أما المصالح العامة ،وصدقة الفرض ( الزكاة ) فالجهر فيها أفضل للإقتداء ،والله أعلم 


♦️(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) [سورة البقرة : 272]

⭕️ولما تحرج بعض الصحابة من الصدقة على غير المؤمن نزل ( ليس عليك هداهم ) ⚡⚡⚡قال ابن عباس : " كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فسألوا فنزلت الآية " رواه الحاكم في المستدرك

⭕️والمعنى ليس على النبي ﷺ  ولا على غيره من باب أولى أن يكلف بإجبار الناس على الهداية ،فالله هو الذي يوفق للهداية ،
وكل نفقة ينفقها المرء فإن نفعها دنيا وأخرى يعود إليه ،ولا ينفق عبد نفقة إلا إذا كانت خالصة ،وكل ما أنفقه المرء فإنه يجزاه يوم القيامة الجزاء الأوفى 


♦️( (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 273]


⭕️ثم بينت الآيات أولى الناس بالصدقة ،وقد وصفتهم الآيات بست صفات : 
⚡️ أنهم فقراء 
⚡️أنهم حبسوا أنفسهم عن الدنيا ابتغاء مرضات الله 
⚡️ أنهم لا يستطيعون السفر في الأرض لتجارة ونحوها 
⚡️ أن غير العارف يظنهم أغنياء لمبالغتهم في التعفف عن السؤال 
⚡️ يعرفهم ذو اللب بعلاماتهم من أثر الحاجة والفاقة 
⚡️ أنهم لا يسألون الناس ولا يلحون ولا يستعطفون 

⭕️ فمن أنفق عليهم فالله عليم بنفقته ،لا يخفي عليه حسن النية ،وتحري المنفعة 


♦️(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة البقرة : 274]

⭕️ ثم بينت الآيات أن أهل الخير ينفقون في كل وقت ليلاً كان أو نهارا،وعلى أي حال سراً كان أو علانية ،وهؤلاء أجرهم عند ربهم المتولي أمرهم فلا يخافون من المتوقع ،ولا يحزنون علي الماضي

تم بحمدالله الموضوع السادس من القسم الثاني من سورة البقرة والذي تحدث عن الإنفاق ،آدابة والمستحقون له ( 261: 274 )

⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية ⚡️


↙️ آية 267
ما دلالة الاختلاف في نهايات الآيات
⚡️ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) ،
⚡️(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) ،
⚡️ وفي الآية (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) البقرة)؟( د.فاضل  السامرائى)


⚪️نأخذ كل آية في سياقها (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) 
⚡️لما ذكر الأذى ناسب ذكر الحلم لأن الحليم لا يعجل بالعقوبة ولا يغضب سريعاً إذا أُوذي فلما ذكر الأذى ناسب ذكر الحِلم. 

⚪️الآية الأخرى ليس فيها ذكر أذى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) ⚡️هذه ليس فيها أذى وإنما إنفاق ما هو خِلاف الأَوْلى، وهو انفاق الخبيث والله غني عن هذا ، والناس يجب أن تنفق الطيب وليس الخبيث الرديء،  فذكر فيها (غني حميد) لأنه يجب أن تفعل حتى تُحمد على ما تُنفق. 

⚪️(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) 
⚡️واسع بالرحمة والفضل، فهو واسع العطاء واسع الخير واسع الرحمة وعليم بما تفعل فيجازيك .

↙️آية 269
ما المقصود بالحكمة فى قوله تعالى ("ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" البقرة 269)؟ولمِ َلم تنسب لله عز وجل؟( د.فاضل  السامرائى)


⚪️الحكمة هي وضع الشيء في محله قولا وعملا، أو هي توفيق العلم بالعمل، فالحكمة لها جانبان: جانب يتعلق بالقول، وجانب يتعلق بالعمل ولا بد منهما معاً:

- فمن أحسن القول ولم يحسن العمل فليس بحكيم، - - ومن أحسن العمل ولم يحسن القول فليس بحكيم. 

والحكمة خير كثير كما قال الله تعالى(ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا(269) البقرة 

 ⚪️ قال تعالى : " وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ"
قال (آتينا) بإسناد الفعل إلى نفسه، ولم يقل: لقد أوتي لقمان الحكمة، بل نسب الإتيان لنفسه. 
⚡️والله تعالى في القرآن الكريم يسند الأمور إلى ذاته العلية في الأمور المهمة وأمور الخير، ولا ينسب الشر والسوء إلى نفسه البتة. قال تعالى: "وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً10" الجـن.
⚡️أما فى قوله تعالى:(ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا(269) فقد قال عز وجل قبلها: (يؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) فنسب إتيان الحكمة إلى نفسه، ثم أعادها عامة بالفعل المبني للمجهول

↙️آية 273
لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ (273) البقرة) ماذا أراد ربنا بقوله (لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ) وهل ضرب الأرض فِعل الأغنياء ؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️هذا وجه بديع من أوجه اللغة العربية وهو باب الكناية والكناية أن تقول كلاماً وتريد ما يلزم عنه. فتقول هذا رجل سيفه طويل يريد ما يلزم عنه وهو طول الرجل فلا يحمل السيف الطويل إلا الرجل الطويل.

 (لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ) كناية عن عجزهم وفقرهم فهم عاجزون عن التجارة لقلة ذات اليد والضرب في الأرض كناية عن المتاجرة لأن شأن التاجر أن يسافر ليبتاع ويبيع فهو يضرب الأرض برجليه أو بدابته.

الدرس الثاني والأربعون (261-266)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم 261-266♦️
نبدأ اليوم بإذن الله بالموضوع السادس من القسم الثاني من البقرة 

⚡️الموضوع السادس : الإنفاق ،آدابة والمستحقون له ( 261: 274 ) 

 ⚪️تحدث المقطع السابق حديثاً موجزاً عن الإنفاق وحديثاًمطولاً عن الجهاد  فبعد أن جاء الحديث  عن الجهاد وبيان قيمة الموت والحياة بشكل تفصيلي ،عاد الحديث مرة أخرى مفصلاً عن الإنفاق ،فبدأ بالحض عليه ،ثم بيّن آفاته من المن والأذى وغير ذلك 

♦️(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 261]

⭕️ شبه الله تعالى في هذه الآية المنفق ونفقته بمثل من زرع حبة في أرض خصبة فأنبتت سبع سنابل ،في كل سنبلة مائة حبة  ،وهذا على سبيل التكثير ،وإلا فالله يضاعف على السبعمائة إلى ما يشاء بغير حد ⚡،وذلك على قدر إيمان المنفق وإخلاصة ⚡ ،ووقوع صدقته موقعها ⚡وحسن النفع بها 


♦️(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة البقرة : 262]

⭕️ تبين الآية أن الإنفاق في سبيل الله يشترط ألا يعقبه ذكر الصدقة على سبيل المن والإيذاء ،فمن تحاشى هذين كان له من الله الأجر الجزيل والأمن إذا خاف الناس ،والسرور إذا حزن الناس 


♦️(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) [سورة البقرة : 263]

⭕️ولتأكيد النهي عن المن والأذي بيّن الحق أن القول المعروف ،وستر حال الفقير  خير من الصدقة التي يتبعها الأذى ،فالله غني عن صدقة المتصدقين ،وحليم لا يعاجل المخطئ بالعقوبة 


♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [سورة البقرة : 264]

⭕️ثم حذر من إبطال الصدقة بالمن والأذى وضرب مثلا محسوسا كحال من ينفق مرائيا  للناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر  فيصير عمله مردوداً عليه ً،فشبهه بالحجر الأملس الذي عليه تراب ،فنزل عليه المطر الغزير فتركه أملس  ،كذلك هؤلاء لا يحصلون  على شئ من الثواب  يوم القيامة  ،والله لا يهدي الكافرين

♦️(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [سورة البقرة : 265]

⭕️أما المؤمنون الذين ينفقون طلباً لمرضات الله ،وبقلب ثابت من غير جزع ولا هلع ،فصفتهم وصفة نفقاتهم كصفة بستان في مكان مرتفع يربو عطاؤه مضاعفاً إن نزل الوابل ،فإن لم يكن كثيراً فالطل القليل ينبته ، وكذلك المؤمن في كل أحواله اليسر والعسر  لا ينقطع خيره ،والله يعلم المخلص من المرائي 

⭕️وفي ذكر نوعي الوابل والطل إشارة إلى القليل والكثير في الإنفاق ،والله لا يضيع عمل هذا أو ذاك 


♦️(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [سورة البقرة : 266]


⭕️ثم تبين الآيات حال من أتلف صدقته بالمثال المحسوس ،وهو مثل صاحب جنة من نخيل وأعناب ،وأصابه الكبر  الذي يقعده عن الكسب ،وله صبيان ضعفاء لا كسب لهم إلا البستان ،فأحاطت به ريح شديده فيها نار فأهلكته ،فكذلك المرائي يفقد عمله وهو أحوج ما يكون إليه ،ويوضح لنا ربنا هذا المثال لنتفكر ونتعظ فننزجر
⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية ⚡️

↙️آية 261
مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ (261) البقرة) ما وجه الخصوصية في الحبّة التي اختارها الله تعالى للدلالة على مضاعفة الأجر والثواب؟( ورتل القرآن ترتيلاً)

⚪️جعل الله سبحانه وتعالى الحبة مثلاً لمضاعفة الأجر والثواب لأن تضعيفها ذاتيّ فهي تزداد وتنمو وتخلف بنفسها لا شيء يزاد عليها وكذلك الحسنة يضاعفها الله تعالى بذاتها لا بعمل آخر يضاف إليها.

↙️ آية 267
ما دلالة الاختلاف في نهايات الآيات
⚡️ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) ،
⚡️(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) ،
⚡️ وفي الآية (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) البقرة)؟( د.فاضل  السامرائى)


⚪️نأخذ كل آية في سياقها (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (262) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) 
⚡️لما ذكر الأذى ناسب ذكر الحلم لأن الحليم لا يعجل بالعقوبة ولا يغضب سريعاً إذا أُوذي فلما ذكر الأذى ناسب ذكر الحِلم. 

⚪️الآية الأخرى ليس فيها ذكر أذى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) ⚡️هذه ليس فيها أذى وإنما إنفاق ما هو خِلاف الأَوْلى، وهو انفاق الخبيث والله غني عن هذا ، والناس يجب أن تنفق الطيب وليس الخبيث الرديء،  فذكر فيها (غني حميد) لأنه يجب أن تفعل حتى تُحمد على ما تُنفق. 

⚪️(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) 
⚡️واسع بالرحمة والفضل، فهو واسع العطاء واسع الخير واسع الرحمة وعليم بما تفعل فيجاز

الدرس الحادي والأربعون (257-260)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم 257-260♦️

♦️(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة البقرة : 257]

⭕️إن من كفر بالطاغوت  وآمن بالله فقد تولي الله وصار الله وليه ،قال تعالي ( ذلك بأن الله مولي الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولي لهم ) محمد ١١ 
⭕️ وهو سبحانه يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ،ويزيدهم هدى على هداهم ،وأما الذين كفروا فأولياؤهم الطاغوت والشياطين ،وقد ختم الله على قلوبهم 
⭕️وجاء التعبير بالمضارع ليفيد التجدد والإستمرار  والدوام ،وهؤلاء الموصوفون بهذه الصفات هم الملازمون للنار كما يلازم الرفيق رفيقه  ،وهم فيها خالدون 

♦️(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [سورة البقرة : 258]

⭕️ ثم تذكر الآيات مثالا على الذين انحرفت فطرتهم ،وهو النمرود ⚡،وقد أتت الآيات بصيغة السؤال للتعجب من حال هذا الذي جادل إبراهيم عليه السلام في ربه ،وكان هذا الجدال بسبب أن آتاه الله الملك فأورثه هذا الملك استكبارا  
⭕️ وقد أتى هذا النمرود برجلين فأمر بقتل أحدهما ،وعدم قتل الأخر ،وذلك معنى الإحياء والإماته بزعمه 
⭕️ ولما علم إبراهيم أن هذا الملك المغرور لم يفقه حجته ،قال له : إن الله يأتي بالشمس من المشرق ،فهل تستطيع انت أن تأتي بها من المغرب ،فبهت الكافر وانقطعت حجته 

♦️(أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ ۖ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [سورة البقرة : 259]

⭕️بعد أن قص علينا الله تعالى قصة إبراهيم عليه السلام مع النمرود عطف عليها هذه القصة التي تثبت قدرة الله تعالى على البعث بعد الموت 
⭕️الذي مر على قرية وهي خاوية أي ساقطة علي جدرانها ،خالية من سكانها ،وهذا الرجل هو ( عزير) ،والقرية ( بيت المقدس ) بعد تخريب بختنصر لها 
⭕️ فعندما مر عليها عزير قال متعجباً : كيف يحيي هذه الله  بعد موتها ؟ فأماته الله مائة عام ،فعمرت البلد ورجع إليها بنو إسرائيل ،ثم بعثه الله فقال: كم لبثت ،فظن أنه يوما أو بعض يوم ،فجاءه الرد عن طريق مَلَك ،بل لبثت مائة عام ،فانظر إلى قدرة الله تعالى ،فهذا طعامك وشرابك لم يتغير ،ولم يفسد ،أما حمارك الذي كان معك فقد مات وبلي ،ولكننا سنرد هذه العظام النخرة إلى أماكنها ثم نكسوها لحما وعصبا وجلدا ،وننفخ فيها الروح لكي تتيقن من قدرة الله تعالى على إحياء الموتى ،فقال الآن أعلم علم اليقين أن الله على كل شئ قدير

♦️(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [سورة البقرة : 260]

⭕️ثم ذكرت الآيات القصة الثالثة ،وهي أيضا إثبات لقدرة الله على البعث بعد الموت ،وفيها قال إبراهيم عليه السلام لربه أن يريه كيف يحيي الموتي ،فخاطبه ربه : أولم تؤمن بقدرتي على الإحياء ،فرد إبراهيم مؤكدا إيمانه ،ولكنه طلب ليطمئن ويزداد ايماناً بإنضمام علم المشاهدة إلى علم الإستدلال ،ويصل لعلم اليقين بالمشاهدة 
⭕️ ودليل ذلك السؤال بكيف ،فهي تدل على أن السؤال عن حال شئ موجود 

⭕️ ثم يقص القرآن ما حدث ،حيث أمره ربه أن يأخذ أربعة من الطير ثم يقطعهن ويجمعهن ،ثم يجعل على كل ناحية جزءا ،ثم يدعهن ،فإنهن يأتين بإذن الله سراعا كأنهن لم يمتن ،والله غالب على أمره ،حكيم في فعله

وبنهاية هذه القصة ينتهي الموضوع الخامس من القسم الثاني من سورة البقرة والذي تحدث عن قصص الإحياء والإماته الحسية والمعنوية والعبرة منها ( ٢٤٣: ٢٦٠ )

⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية ⚡️

↙️آية 257
ما معنى كلمة الولي؟( د.فاضل  السامرائى)


⚪️تستعمل للتابع والمتبوع والناصر، الوليّ التابع المحب الذي يتولى أمره والولي الناصر، يعني الله ولينا ونحن أولياء الله (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ (257) البقرة) يتولى أمرهم (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) يونس) فالولي تستعمل للفاعل والمفعول وتسمى من الأضاد. يقال مولى رسول الله والله مولانا، كلمات كثيرة في اللغة العربية تستعمل في هذا وهي واضحة في اللغة وفي الاستعمال القرآني.

↙️آية 260
قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ (260) البقرة) ما دلالة (من) في قوله (من الطير)؟ ( ورتل القرآن ترتيلاً)
وهل تفيد معنى زائداً فيما لو قال: فخذ أربعة طيور؟ 

⚪️جيء بـ (من) في الآية لتدل على التبعيض وهذا ما يضيف معنى آخر وهو التعدد والاختلاف خلافاً لقولنا أربعة طيور فهذه العبارة لا تدل على تعدد أنواعها فقد تكون الطيور من صنف واحد وقد دخلت (من) على هذه الآية لتدلنا على التعدد والاختلاف حتى لا يتوهم مشكك بأن بعض الأنواع أهون بالإحياء والبعث من بعض

الدرس الأربعون (255-256)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم 255-256♦️


♦️(اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) [سورة البقرة : 255]

⭕️هذه الآية الكريمة أعظم آيات القرآن وأفضلها وأجلها، وذلك لما اشتملت عليه من الأمور العظيمة والصفات الكريمة، فلهذا كثرت الأحاديث في الترغيب في قراءتها وجعلها وردا للإنسان في أوقاته صباحا ومساء وعند نومه وأدبار الصلوات المكتوبات،

⭕️ فأخبر تعالى عن نفسه الكريمة بأن ⚡️{ لا إله إلا هو } أي: لا معبود بحق سواه،

⚡️ وقوله: { الحي القيوم } هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما، 
✨فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك،
✨ والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيومية الباري،
✨ولهذا قال بعض المحققين: إنهما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى،

⭕️ومن تمام حياته وقيوميته أن⚡️ { لا تأخذه سنة ولا نوم } والسنة النعاس⚡️ { له ما في السماوات وما في الأرض } أي: هو المالك وما سواه مملوك وهو الخالق الرازق المدبر وغيره مخلوق مرزوق مدبر لا يملك لنفسه ولا لغيره مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض

⭕️ فلهذا قال: { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } أي: لا أحد يشفع عنده بدون إذنه، فالشفاعة كلها لله تعالى، ولكنه تعالى إذا أراد أن يرحم من يشاء من عباده أذن لمن أراد أن يكرمه من عباده أن يشفع فيه، لا يبتدئ الشافع قبل الإذن، ثم قال⚡️ { يعلم ما بين أيديهم } أي: ما مضى من جميع الأمور { وما خلفهم } أي: ما يستقبل منها، فعلمه تعالى محيط بتفاصيل الأمور، متقدمها ومتأخرها، بالظواهر والبواطن، بالغيب والشهادة، والعباد ليس لهم من الأمر شيء ولا من العلم مثقال ذرة إلا ما علمهم تعالى، ولهذا قال: ⚡️{ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء}

⭕️{ وسع كرسيه السماوات والأرض } وهذا يدل على كمال عظمته وسعة سلطانه، إذا كان هذه حالة الكرسي أنه يسع السماوات والأرض على عظمتهما وعظمة من فيهما،
 والكرسي ليس أكبر مخلوقات الله تعالى، بل هنا ما هو أعظم منه وهو العرش، وما لا يعلمه إلا هو،
وفي عظمة هذه المخلوقات تحير الأفكار وتكل الأبصار، فكيف بعظمة خالقها ومبدعها،

⭕️{ ولا يؤوده حفظهما } أي: ولا يثقله سبحانه حفظ هذه العوالم الضخمة ،⚡️ { وهو العلي } بذاته فوق عرشه، العلي بقهره لجميع المخلوقات، العلي بقدره لكمال صفاته⚡️ { العظيم } الذي تتضائل عند عظمته جبروت الجبابرة، وتصغر في جانب جلاله أنوف الملوك القاهرة، فسبحان من له العظمة العظيمة والكبرياء الجسيمة والقهر والغلبة لكل شيء،

⭕️ فقد اشتملت هذه الآية على توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وعلى إحاطة ملكه وإحاطة علمه وسعة سلطانه وجلاله ومجده، وعظمته وكبريائه وعلوه على جميع مخلوقاته، فهذه الآية بمفردها عقيدة في أسماء الله وصفاته، متضمنة لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلا،

 ثم قال تعالى:
♦️(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انْفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(256)

⭕️يخبر تعالى أنه لا إكراه في الدين لعدم الحاجة إلى الإكراه عليه،
لأن الإكراه لا يكون
⚡️إلا على أمر خفية أعلامه، 
⚡️ أو أمر في غاية الكراهة للنفوس،

وأما هذا الدين القويم والصراط المستقيم فقد تبينت أعلامه للعقول، وظهرت طرقه، وتبين أمره، وعرف الرشد من الغي،

فالموفق إذا نظر أدنى نظر إليه آثره واختاره،
 وأما من كان سيئ القصد فاسد الإرادة، فهذا ليس لله حاجة في إكراهه على الدين، لعدم النتيجة والفائدة فيه، والمكره ليس إيمانه صحيحا، 

⭕️فمن يكفر بالطاغوت فيترك عبادة ما سوى الله وطاعة الشيطان، ويؤمن بالله إيمانا تاما ⚡️ { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أي: بالدين القويم الذي ثبتت قواعده ورسخت أركانه، وكان المتمسك به على ثقة من أمره، لكونه استمسك بالعروة الوثقى التي⚡️ { لا انفصام لها } وأما من عكس القضية فكفر بالله وآمن بالطاغوت، فقد أطلق هذه العروة الوثقى التي بها العصمة والنجاة، واستمسك بكل باطل مآله إلى الجحيم⚡️ { والله سميع عليم } فيجازي كلا منهما بحسب ما علمه منهم من الخير والشر،

⭕️ سبب نزول ( لا إكراه في الدين ) عن ابن عباس قال: كانت المرأة من الأنصار لا يكاد  يعيش لها ولد  ،فتحلف  : لإن عاش لها ولد  لتهودنه ، فلما أُجليت بنو النضير ،إذا فيهم ناس من أبناء الأنصار ، فقالت الأنصار : يا رسول الله ،أبناؤنا ،فنزلت هذه الآية ،رواه ابن حبان والنسائي وابو داوود

⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية⚡️

↙️آية 255
ما الحكمة من استخدام صيغة الماضي في فعل (وسع)؟  في آية الكرسي ؟ 

⚪️الحكمة أن صيغة الماضي تدلّ على أنه وسعهما فعلاً فلو قال يسع لكان فقط إخبار عن مقدار السعة فعندما نقول تسع داري ألف شخص فليس بالضرورة أن يكون فيها ألف شخص ولكن عندما نقول وسعت داري ألف شخص فهذا حصل فعلاً .تسع : تعني إخبار ليس بالضرورة حصل، لكن وسع بمعنى حصل فعلاً وهذا أمر حاصل فعلاً.

↙️آية 256
ما الفرق بين الرُشد والرَشََد  والرشاد؟( د.فاضل  السامرائى)


⚪️الرُشد يقال في الأمور الدنيوية والأُخروية أما الرَشَد ففي الأمور الآخروية فقط، هكذا قرر علماء اللغة.
- (فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا (6) النساء)⚡️ في الدنيا، -(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (256) البقرة)،
 (وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) الكهف) ⚡️في الاخرة

⚪️الرُشد في الأمور الدنيوية والأخروية أما الرَشد ففي الأمور الأخروية لا غير فالرُشد أعمّ. 
⚪️الرشاد هو سبيل القصد والصلاح (وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) غافر) أي سبيل الصلاح عموماً، طريق الصواب. الرشاد مصدر. المادة اللغوية واحدة لهذه الكلمات وهي كلها الرُشد والرَشد والرشاد كلها مصادر. رشِد ورَشَد


للحصول على اللمسات البيانية على هيئة صور  ييرجى زيارة هذه الصفحة بالفيس بوك ( متشابهات ولمسات بيانية)
وهذا رابطها:
 https://www.facebook.com/lamasatbynyah/photos/a.307651842720324.1073741835.263903753761800/307651906053651/?type=3&src=https%3A%2F%2Fscontent-mxp.xx.fbcdn.net%2Fhphotos-xfp1%2Fv%2Ft1.0-9%2F10250254_307651906053651_3394767142806721193_n.png%3Foh%3D2b23ef6254548ec8ae2df79f84eef098%26oe%3D55831614&size=734%2C551&fbid=3076519060536