الثلاثاء، 24 فبراير 2015

الدرس الرابع والأربعون (274-281)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم 275-281♦️

نبدأ اليوم بإذن الله بالموضوع السابع 
⚡️الموضوع السابع  : حفظ الأموال عن الحرام وعن الإضاعة ( 275: 283) 

⚪️ بعد أن تحدثت الآيات في المقطع السابق  عن إنفاق الناس وأعمالهم في الصدقات ،الذين يعطون بلا عوض ،جاء التناسب بالتضاد للحديث عن الذين يستغلون حاجة الفقير ،فيتعاملون معه بالربا 

⚪️فالربا هو الوجه الطالح الكالح المقابل للصدقة ،فالصدقة عطاء وسماحة ،والربا شح وقذارة
♦️ (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة البقرة : 275]


⭕️ابتدأ الحديث عن المرابين الذين يأكلون المال بلا عوض ، ويأكلون الزيادة مقابل القرض ، فأوضح الحق أنهم يقومون يوم القيامة من قبورهم إلى نشورهم كما يقوم  المصروع من الشيطان الذي مسه ،وسبب ذلك أنهم جعلوا  الربا المحرم  الذي هو زيادة في المال عند حلول موعد الدين كالبيع 

⭕️ فمن بلغه تحريم الله تعالى للربا فانتهى فوراً فله ما أخذ قبل الإسلام ،وأمره مفوض إلى ربه ،أما من عاد لأكل الربا بعد تحريمه فقد استحق المكث الطويل في جهنم

⭕️عن جابر قال : ( لعن  رسول الله ﷺ  آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ،وقال : هم سواء ) رواه مسلم 

◽️◾️مراحل تحريم الربا : 
⚡️ الموضع الأولي  وهو في سورة الروم ٣٩  ( وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله ) 
⚡️ الموضع الثاني ،التحذير من فعال اليهود ومن اقبحها الربا ( وأخذهم الربا وقد نهوا عنه ) النساء ١٦١ 
⚡️ الموضع الثالث في سورة آل عمران ١٣٠  ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ) 
⚡️ الموضع الرابع ما جاء في هذه السورة المباركة 

◽️◾️حكمة تحريم الربا 

⚡️١_ الربا يقتضي أخذ مال الإنسان  بدون مقابل ،قال ﷺ  ( حرمة مال الإنسان كحرمة دمه ) 
⚡️٢_ أنه يمنع الناس عن الإشتغال بالمكاسب،فلا يكاد يتحمل مشقة التجارة و الصناعات الشاقة ،وذلك يؤدي إلى انقطاع منافع الخلق 
⚡️٣_ أنه يؤدي إلى انقطاع المعروف بين الناس والإحسان 
⚡️٤_ أن الغالب أن المقرض يكون غنياً والمقترض يكون فقيرا، والربا تمكين للغني  من أخذ مال الفقير مالاً زائدا ،وذلك غير جائز برحمة الرحيم.                 
⚡️٥_ من آثار الربا الإجتماعية ،شيوع البغضاء بين الناس ، ونزع التراحم ، وذهاب المعروف والمروءة بين الناس 
⚡️ ٦_ من آثاره الإقتصادية ،غلاء الأسعار ،ذلك لأن التاجر  الذي يقترض يرفع السعر لتعويض ما يدفع
⚡️ ٧_ شيوع البطالة ،ذلك لأن أصحاب الأموال يفضلون الربا عن الإستثمار                     


♦️(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [سورة البقرة : 276]

⭕️إن من آثار الربا أن الله يمحقه ويذهب بركته ، قال ﷺ  : ( ما أحد أكثر من الربا إلا  كاتت عاقبة أمره إلى قلة ) رواه ابن ماجة وأخرجه أحمد 

⭕️أما الصدقات فإن الله يزيدها في الدنيا و الآخرة ،والله تعالى يبغض فاعل الربا الذي كفر بأنعم الله ، وفعل الآثام 

♦️(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [سورة البقرة : 277]

⭕️بيّن الله تعالى أن الذين صدقوا ما أخبرهم به وقبلوا وعملوا الصالحات التي تصلح نفوسهم ،وأقاموا الصلاة التي تصلهم بربهم ،وأدوا الزكاة التي تطهر نفوسهم ، لهم عند الله الأجر الذي لا ينقطع ،ولا يخافون من الآتي ولا يحزنون علي الفائت 

♦️(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ(278)

⭕️يا أيها الذين آمنوا بالله واتبعوا رسوله، خافوا الله بأن تمتثلوا أوامره وتجتنبوا نواهيه، واتركوا المطالبة بما بقي لكم من أموال ربوية عند الناس، إن كنتم مؤمنين حقًا بالله وبما نهاكم عنه من الربا.

♦️(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) [سورة البقرة : 279]


⭕️ فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف، وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته فإنه مشاق لربه محارب له، ⚡️ { وإن تبتم } عن الربا ⚡️{ فلكم رءوس أموالكم } أي: أنزلوا عليها⚡️ { لا تظلمون } من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا⚡️ { ولا تظلمون } بنقص رءوس أموالكم.

♦️(وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)

⭕️{ وإن كان } المدين⚡️ { ذو عسرة } لا يجد وفاء⚡️ { فنظرة إلى ميسرة } وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به⚡️ { وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون } إما بإسقاطها أو بعضها.


♦️(وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [سورة البقرة : 281]

⭕️وهذه الآية من آخر ما نزل من القرآن، وجعلت خاتمة لهذه الأحكام والأوامر والنواهي، لأن فيها الوعد على الخير، والوعيد على فعل الشر، وأن من علم أنه راجع إلى الله فمجازيه على الصغير والكبير والجلي والخفي، وأن الله لا يظلمه مثقال ذرة، أوجب له الرغبة والرهبة، وبدون حلول العلم في ذلك في القلب لا سبيل إلى ذلك.
⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية ⚡️

↙️آية 275
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا (275) البقرة) لِمَ قال (يأكلون الربا) ولم يقل يأخذون الربا مع أن الأكل يختص بالطعام لا بالمال؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️نعم الأكل في حقيقته هو ابتلاع الطعام ولكن ربنا عبّر عن أخذ الربا بالأكل ليبين لنا حرص المرابي على أخذ المال بشَرَه.

↙️آية 276
(يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة) فلِمَ خصّ ربنا الكافر بعدم المحبة دون المرابي؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️تأمل هذا السر البديع في خاتمة الآية فقد ختمها بقوله (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) مع أن بداية الآية توحي أن ختامها : والله لا يحب كل مرابي أثيم، فلِمَ خصّ ربنا الكافر بعدم المحبة دون المرابي؟ إن الإخبار بأن الله تعالى لا يحب جميع الكافرين يؤذن ويشعر بأن الربا شعار أهل الكفر وهو سمة من سماتهم فهم الذين استباحوه. وفي هذا تعريض بأن المرابي متّسمٌ بخصال أهل الكفر والشرك وإن كان مؤمناً.

↙️281
ما الفرق بين (ماعملت) و (ماكسبت)؟( د.فاضل  السامرائى)


⚪️⚡️قال تعالى(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (111)النحل) ⚡️و قال (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ (281) البقرة).
في آية النحل قال ماعملت وفي البقرة ماكسبت.

⚪️في سياق الأموال يقول (ما كسبت) وفي سياق العمل يقول (ما عملت).
⚡️في البقرة في سياق الأموال وقبلها أمور مادية من ترك الربا (278) الربا كسب حرام، آية المعسِر (280)، آية الدين (282) البقرة، في سياق الأموال فناسب ذكر الكسب 
⚡️أما آية النحل ليس لها علاقة بالكسب وقال قبلها (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (110) النحل) ليس فيها كسب فالجهاد والفتنة والصبر ليست كسباً. ففي سياق الأموال قال كسب وفي سياق الأعمال قال عملت


↙️آية 278
*(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) البقرة) لِمَ قدّم ربنا تعالى الأمر بالتقوى على الأمر بترك الربا مع أن الآيات تعالج قضية الربا؟( ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️أُمِر الناس بتقوى الله تعالى قبل الأمر بترك الربا لأن تقوى الله هي أصل الامتثال والاجتناب وترك الربا من جملتها وخصلة من خصال التقوى.

هناك تعليق واحد:

  1. ماشاء الله تبارك الرحمن بارك الله بكم وجزاكم الفردوس الأعلى
    هل يوجد بي دي إف لملف سورة البقرة كاملة لأستطيع طباعته

    ردحذف