الثلاثاء، 24 فبراير 2015

الدرس الثامن والثلاثون (246-253)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

♦️نصاب اليوم   246-252♦️

⚡️لازلنا في المقطع الخامس : قصص الاحياء والإماته والعبرة منها واليوم نتناول بإذن الله قصة طالوت وجالوت 

♦️(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا ۖ قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) [سورة البقرة : 246]

⭕️وجاءت قصة طالوت وجالوت بعد الأمر بالقتال لتبين نموذجاً عملياً لمن أُخرجوا من ديارهم وكُتب عليهم القتال ،وذلك لينفع المسلمين الأوائل ومن أتى بعدهم 

⭕️وتأتي الآيات بنفس صيغة الإستفهام المنفي لتبين حال هؤلاء الملأ الأشراف الزعماء ،وكانوا من بني إسرائيل ،وكانوا بعد موسي عليه السلام  بزمن طويل بعد أن استقروا في فلسطين ،وكان نبيهم على الراجح هو شمويل ،وقد توجه هؤلاء القوم إلى نبيهم قائلين : عيِّن لنا ملكاً نقاتل من ورائه قتالاً في سبيل الله 

⭕️وكان هذا النبي يتوقع ما سيكون منهم ،فقال لهم متسائلا هل إذا فُرض عليكم القتال ستقاتلوا ؟
فردوا عليه مؤكدين عزمهم على القتال ،وكرروا نفس الجملة ( نُقاتل في سبيل الله ) لزيادة تأكيد أنهم خرجوا في سبيل الله 

⭕️فقالوا:⚡️ { وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا } أي: أي شيء يمنعنا من القتال وقد ألجأنا إليه، بأن أخرجنا من أوطاننا وسبيت ذرارينا، فهذا موجب لكوننا نقاتل ولو لم يكتب علينا، فكيف مع أنه فرض علينا وقد حصل ما حصل، ولهذا لما لم تكن نياتهم حسنة ولم يقوَ توكلهم على ربهم⚡️ { فلما كتب عليهم القتال تولوا } فجبنوا عن قتال الأعداء وضعفوا عن المصادمة، ⚡️ { إلا قليلا منهم } فعصمهم الله وثبتهم وقوى قلوبهم فالتزموا أمر الله ، فحازوا شرف الدنيا والآخرة، وأما أكثرهم فظلموا أنفسهم وتركوا أمر الله، فلهذا قال: ⚡️{ والله عليم بالظالمين }

♦️(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا ۚ قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ ۚ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 247]

⭕️ارسل الله تعالى لهم  ملكا ،وأبلغهم بذلك نبيهم قائلا : إن الله أرسل لكم طالوت ليقودكم إلى الجهاد في سبيله ،ولكن سرعان ما انكشفت سرائرهم فبادروا معترضين : كيف يتولى الملك ونحن أجدر به وأولى ،وخاصةً أن لا مال له ،ولكن النبي رد عليهم دعواهم بعدة أمور : 
✨أن الله جعله من الصفوة عليكم وهو تعالى أعلم بما يصلحكم 
✨أن الله  تعالى أعطاه العلم 
✨أنه تعالى أعطاه قوة في الجسم تيسر له مكابدة الأعداء والثبات عند الشدة 

⚪️وقدم العلم على قوة  البدن لأن أثره أعظم 
✨أنه ليس لإعتراضكم أي حق ،فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ،وله الحجة البالغة والحكمة النافذة 
✨ أنه تعالى ذو السعة يبسط على من يشاء من عباده ،وهو عليم بما يصلح شؤونهم 

⭕️ولأنهم قوم اعتادوا اللجاجة وعدم التسليم الفوري كما سبق في الآيات، طلبوا آية تدلهم على ملك طالوت ،فقال لهم نبيهم : 

♦️(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [سورة البقرة : 248]

⭕️إن هذه الآية أن تأتيكم كرامة لهذا القائد من ثلاث وجوه : 

⚡️ إتيان التابوت الذي قد فقدوه زمانا طويلا 
⚡️في ذلك التابوت سكينة تسكن بها قلوبهم، وتطمئن لها خواطرهم

🌹 وفيه  أيضاً  بقية مما ترك آل موسى وآل هارون


⭕️ فأتت به الملائكة حاملة له وهم يرونه عيانا.


♦️(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ ۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ۚ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ(249)

⭕️لما استقر لطالوت الملك تجهزوا لقتال عدوهم، فلما فصل طالوت بجنود بني إسرائيل وكانوا عددا كثيرا وجما غفيرا، امتحنهم بأمر الله ليتبين الثابت المطمئن ممن ليس كذلك فقال⚡: { إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني } فهو عاص ولا يتبعنا لعدم صبره وثباته ولمعصيته ⚡{ ومن لم يطعمه } أي: لم يشرب منه فإنه مني ⚡{ إلا من اغترف غرفة بيده } فلا جناح عليه في ذلك،
ولعل الله أن يجعل فيها بركة فتكفيه،

 ⭕️وفي هذا الابتلاء ما يدل على أن الماء قد قل عليهم ليتحقق الامتحان، فعصى أكثرهم وشربوا من النهر الشرب المنهي عنه، ورجعوا على أعقابهم ونكصوا عن قتال عدوهم وكان في عدم صبرهم عن الماء ساعة واحدة أكبر دليل على عدم صبرهم على القتال الذي تحصل فيه المشقة الكبيرة،
 وكان في رجوعهم عن باقي العسكر ما يزداد به الثابتون توكلا على الله، وتضرعا واستكانة وتبرؤا من حولهم وقوتهم، وزيادة صبر لقلتهم وكثرة عدوهم،

⭕️ فلهذا قال تعالى: ⚡{ فلما جاوزه } أي: النهر⚡️ { هو } أي: طالوت ⚡️{ والذين آمنوا معه } وهم الذين أطاعوا أمر الله ولم يشربوا من النهر الشرب المنهي عنه فرأوا... قلتهم وكثرة أعدائهم، قالوا أي: قال كثير منهم⚡ { لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده } لكثرتهم وعَددهم وعُددهم ⚡{ قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله } أي: يستيقنون ذلك، وهم أهل الإيمان الثابت واليقين الراسخ، مثبتين لباقيهم ومطمئنين لخواطرهم، وآمرين لهم بالصبر ⚡{ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله } أي: بإرادته ومشيئته فالأمر لله تعالى، والعزيز من أعزه الله، والذليل من أذله الله، فلا تغني الكثرة مع خذلانه، ولا تضر القلة مع نصره،⚡ { والله مع الصابرين } بالنصر والمعونة والتوفيق، فأعظم جالب لمعونة الله صبر العبد لله، فوقعت موعظته في قلوبهم وأثرت معهم.


♦️(وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(250)

⭕️ولهذا لما برزوا لجالوت وجنوده⚡️{ قالوا } جميعهم⚡️ { ربنا أفرغ علينا صبرا } أي: قو قلوبنا، وأوزعنا الصبر، وثبت أقدامنا عن التزلزل والفرار، وانصرنا على القوم الكافرين.

♦️(فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ(251)

⭕️من هاهنا نعلم أن جالوت وجنوده كانوا كفارا، فاستجاب الله لهم ذلك الدعاء لإتيانهم بالأسباب الموجبة لذلك، ونصرهم عليهم⚡ { فهزموهم بإذن الله وقتل داود } عليه السلام، وكان مع جنود طالوت، { جالوت } لشجاعته وقوته وصبره ⚡{ وآتاه الله } أي: آتى الله داود { الملك والحكمة } أي: منَّ عليه بتملكه على بني إسرائيل مع الحكمة، وهي النبوة المشتملة على الشرع العظيم والصراط المستقيم، ولهذا قال⚡️ { وعلمه مما يشاء } من العلوم الشرعية والعلوم السياسية، فجمع الله له الملك والنبوة، 

⭕️، فلما نصرهم الله تعالى اطمأنوا في ديارهم وعبدوا الله آمنين مطمئنين لخذلان أعدائهم وتمكينهم من الأرض، وهذا كله من آثار الجهاد في سبيله، فلو لم يكن لم يحصل ذلك فلهذا قال تعالى:⚡ { ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض } أي: لولا أنه يدفع بمن يقاتل في سبيله كيد الفجار وتكالب الكفار لفسدت الأرض باستيلاء الكفار عليها وإقامتهم شعائر الكفر ومنعهم من عبادة الله تعالى، وإظهار دينه⚡ { ولكن الله ذو فضل على العالمين } حيث شرع لهم الجهاد الذي فيه سعادتهم والمدافعة عنهم ومكنهم من الأرض بأسباب يعلمونها، وأسباب لا يعلمونها.

♦️(تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ(252)

⭕️ثم قال تعالى: { تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق } أي: بالصدق الذي لا ريب فيها 

⭕️{ وإنك لمن المرسلين } فهذه شهادة من الله لرسوله برسالته ، فدل أنه رسول الله حقا ونبيه صدقا الذي بعثه بالحق ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية⚡️
↙️آية 250
⚪️قال تعالى (وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) البقرة) تقول أفرغت الماء في الإناء إذا صببته فلِمَ عبّر ربنا سبحانه وتعالى عن الصبر بالإفراغ فقال (أفرغ علينا صبراً) ولم يقل صبِّرنا أو اجعلنا صابرين؟(ورتل القرآن ترتيلاً)


⚪️إن التعبير عن طلب الصبر بقوله (أفرغ علينا صبراً) فيه إبداع وجمال ساحر لأن إفراغ الصبر يدل على المبالغة في صبر الداعي لصفة الصبر وذلك أن الإفراغ معناه الصبّ وإذا صببت الشيء أو أفرغته فقد ملأت المفرَغ فيه وإذا أُفرِغ الصبر في قلوب المؤمنين الداعين فهذا يعني أن القلوب قد ملئت صبراً حتى غدت وعاءً له


للحصول على اللمسات البيانية على هيئة صور  ييرجى زيارة هذه الصفحة بالفيس بوك ( متشابهات ولمسات بيانية)
وهذا رابطها:
 https://www.facebook.com/lamasatbynyah/photos/a.307651842720324.1073741835.263903753761800/307651906053651/?type=3&src=https%3A%2F%2Fscontent-mxp.xx.fbcdn.net%2Fhphotos-xfp1%2Fv%2Ft1.0-9%2F10250254_307651906053651_3394767142806721193_n.png%3Foh%3D2b23ef6254548ec8ae2df79f84eef098%26oe%3D55831614&size=734%2C551&fbid=3076519060536


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق