الثلاثاء، 24 فبراير 2015

الدرس الثاني والثلاثون (205-220)

﷽ 
الحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، نبينا محمد وآله وصحبه ومن واله ، أما بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
♦️نصاب اليوم  215-220♦️


⚡️ننهي اليوم بإذن الله المحور الثالث : نماذج بشرية ومواعظ إلهية (٢٠٤: ٢٢٠) 


♦️(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [سورة البقرة : 215]

⭕️بعد ذكر النماذج المجاهدة الصابرة في الآية السابقة ،جاء تذكير المؤمنين ببذل المال والنفس ، فعاد الحديث إلى الوعظ والتذكير بالإنفاق والجهاد ✨،وقد روي عن ابن جريح قال : سأل المؤمنون رسول الله صل الله عليه وسلم : أين يضعون أموالهم؟ فنزلت الآية

⭕️والسؤال عن مقدار نفقة التطوع ووجهتها فبينت لهم الآيات أن ما انفقوا من خير أو مال فإن أولى الناس به:
✨ الوالدين ،
✨والولد
✨ الأقرب فالأقرب
✨واليتامي الذي مات آباءهم
✨والمساكين الذين لا يقدروا على الكسب
✨والمسافرين الذين انقطعوا عن الرجوع عن بلادهم
✨ثم عم الأمر ليشمل من لم يرد لهم ذكر ،فأخبر سبحانه أن كل ما يفعله المرء من خير ، فإن الله يعلمه وسيجازيه عليه 

♦️(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [سورة البقرة : 216]

⭕️وبعد أن حضهم على بذل المال حضهم على بذل الأنفس والأرواح في سبيل الله ،وذلك بأن فرض على المؤمنين القتال ،مع كونه مكروها للأنفس لما فيه من المخاطرة ، ومع ذلك فإن له حكمة تهون مشقته وتحقق خيرا غير ظاهر بالنظرة القاصرة ،فعسى أن يتحقق الخير الكثير بما يكرهه المرء ،وعسى أن يحب المرء شيئا وفيه الشر له وهو لا يعلم

⭕️والهدف والمقصود من الآية تعليم المؤمنين تلقي أوامر الله على ثقة أنها الأنفع لهم ،فالله يعلم ونحن لا نعلم

♦️(يسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [سورة البقرة : 217]

⭕️والحديث مازال موصولا عن الجهاد وبداية تشريعة على الأمة ،ورد شبهات الأعداء حوله ،حيث أثاروا شبهه قتال المسلمين لهم في الأشهر الحرم ،فجاء القرآن ليصوب هذا الفهم ،ويوجه المؤمنين إلى كيفية الرد عليهم ومواجهتهم

⭕️والسؤال هنا من المشركين سؤال تعيير عن حكم القتال في الأشهر الحرم ،فلقن الله تعالى نبيه بأن القتال في الأشهر الحرم محرم وكبير ،ولكن جرائم المشركين من صرف المسلمين عن دينهم وعن حرم الله ،وإخراج اهله أكبر وزرا عند الله من القتال في الأشهر الحرم ،والفتنة بالكفر وتعذيب المؤمنين أكبر جرما من القتل

⭕️وبين الله تعالى أن المشركين لا شاغل لهم إلا قتال المسلمين ليفتنونهم ويردوهم عن دينهم إن استطاعوا

⭕️وبين تعالى حكم الردة وأن من مات عليها فقد فسد عمله في الدنيا والآخرة وصار من المخلدين في النار


♦️(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة البقرة : 218]

⭕️ وبعد أن توعد الله تعالى المرتدين الكافرين وعد المؤمنين ، فلا يكاد يوجد وعيد إلا وأعقبه وعد ،فوعد الذين آمنوا بالله وفارقوا أموالهم وأوطانهم نصرة لدين الله ،وجاهدوا في سبيل إعلاء كلمة الله ،أولئك الذين يرجون رحمة الله بهم سوف يثيبهم على عملهم ،وهو واسع المغفرة، عظيم الرحمة للمؤمنين

♦️(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [سورة البقرة : 219]

⭕️ثم يمضي السياق القرآني ليتعرض لأحد أسئلة الصحابي لرسول الله صل الله عليه وسلم ، وهو السؤال عن الخمر والميسر
 ⭕️،ففي السنن أن عمر رضي الله عنه أنه قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فإنها تذهب المال والعقل ،فنزلت ( يسئلونك عن الخمر والميسر ....) الآية في البقرة ، فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية في سورة النساء ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري ) ، فكان منادي رسول الله اذا أقام الصلاة ينادي ألا يقربن الصلاة سكران فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ،
فنزلت الآية التي في المائدة ،فدعي عمر فقرءت عليه ،فلما بلغ ( هل أنتم منتهون ) قال عمر : انتهينا انتهينا ،أخرجه أبو داوود

⭕️أما الميسر فهو القمار وهو مشتق من اليسر لسهولة أخذ المال بلا جهد

⭕️وقد أجاب الله تعالى على سؤالهم بأن الخمر والميسر فيه منافع لهم تتمثل في التجارة للخمور والربح ،أما الإثم فأكبر ،كما قال ربنا ( إنما يريد الشيطان ليوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ) المائدة ١٩

⭕️وإذا كان الخمر والميسر من الإنفاق المحرم ،جاء السؤال بعده عن الإنفاق الحلال والمستحب ،عن الإنفاق وماذا ينفقون ،فكانت الإجابة أن ينفقوا العفو ،أي ما يفضل عن الحاجة ولا يتضرر المنفق منه
 ⚡️قال صل الله عليه وسلم :" خير النفقة ماكان عن ظهر غنى " أخرجه البخاري
⭕️ وهذا البيان الحكيم الذي بينه الله لكم ،بينه لكم لكي تتفكروا في ما ينفعكم في دنياكم بالعمل الصالح وفي آخرتكم برضوان الله تعالى


♦️(فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۗ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [سورة البقرة : 220]

⭕️ثم جاء السؤال عن اليتامى ،ومناسبته لما قبله كما قال ابن حيان : أنه ذكر السؤال عن الخمر والميسر ،وكان تركهما مدعاة لتنمية المال ،وذكر أنهم ينفقون ما سهل الله عليهم ،ناسب ذلك النظر في حال اليتيم ،وحفظ ماله وتنميته ،وإصلاحه بالنظر في تربيته ،فالجامع في الآيتين أن ترك الخمر والميسر إصلاح لأنفسهم ،والنظر في حال اليتامي إصلاح لغيرهم

وكان سبب سؤال الصحابة هو ما ورد عن ابن عباس قال : لما نزل قوله تعالى ( ولا تقربوا ما اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) الأنعام ١٥٢ وقوله تعالي (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) [سورة النساء : 10] انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه وشرابه من شرابه ،فجعل يفضل له الشئ من طعامه وشرابه ، فيحبس له حتي يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم ،فذكروا ذلك لرسول الله صل الله عليه وسلم ،فأنزل الله تعالى ( ويسألونك عن اليتامي )

⭕️أي أن المطلوب هو إصلاح أموالهم بالحفاظ عليها ، وإصلاحهم بالعناية والتربية ،وإن خالطوهم في المطعم والمسكن والتجارة والمصاهرة فهم إخوانكم في الدين

⭕️وقد بدأت الآية بالإصلاح واختتمت بذكر المصلح ،وهذا تأكيد على أمر الإصلاح ،وبيان على أن المنهج الإسلامي قائم على الإصلاح بخلاف السابقين الذين ادعوا الإصلاح وهم في الحقيقة فاسدين.
⚡️⚡️⚡️⚡️⚡️
⚡️اللمسات البيانية ⚡️

↙️اية 216
*ما الفرق بين كلمة الكَره بفتح الكاف والكُره بضمها؟( د.فاضل السامرائى)

⚪️الكَره بفتح الكاف هو ما يأتي من الخارج يقابله الطوع كما في قوله تعالى (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11))

⚪️أما الكُره بضم الكاف فهو ما ينبعث من الداخل ففي قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (216) البقرة) 
جاءت كلمة الكُره لأن الإنسان بطبيعته يكره القتال وكذلك في قوله تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا((15) الأحقاف) 
الحمل في نفس الأم ثقيل ليس مفروضاً عليها وإنما آلآم الوضع والحمل وأي إنسان لا يريد المشقة لنفسه أصلاً.

↙️217
(وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ (217) البقرة) لِمَ استعمل الفاء بدل (ثم)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)

⚪️استعمل حرف العطف الفاء في قوله (فيمت) وهو حرف يفيد الترتيب والتعقيب ولم يستعمل (ثم) التي تفيد التراخي والمهلة في الزمن أي قال (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ) ولم يقل ثم يمت وهو كافر؟ 
نحن نعلم أن معظم المرتدين لا تحضر آجالهم عقب الإرتداد بل قد يعمّر المرتد طويلاً والفاء تفيد الترتيب والتعقيب أن يقع الأمران متعاقبين متتاليين فما وجه إستعمال الفاء إذن؟ في هذا ارتباط بديع في أن المرتد يُعاقب بالموت عقوبة شرعية فإن ارتدّ فيُقتل حدّاً.


للحصول على اللمسات البيانية على هيئة صور  ييرجى زيارة هذه الصفحة بالفيس بوك ( متشابهات ولمسات بيانية)
وهذا رابطها:
 https://www.facebook.com/lamasatbynyah/photos/a.307651842720324.1073741835.263903753761800/307651906053651/?type=3&src=https%3A%2F%2Fscontent-mxp.xx.fbcdn.net%2Fhphotos-xfp1%2Fv%2Ft1.0-9%2F10250254_307651906053651_3394767142806721193_n.png%3Foh%3D2b23ef6254548ec8ae2df79f84eef098%26oe%3D55831614&size=734%2C551&fbid=3076519060536


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق